مقتنياته وآثاره
كان من عادة النبي محمد تسمية دوابّه وسلاحه ومتاعه، فكان اسم رايته «العقاب»، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب «ذو الفقار»، وكان له سيوف غيره مثل «الرسوب» و«القضيب»، وكانت قبضة سيفه محلاة بالفضة، وكان اسم قوسه «الكتوم». واسم ناقته «القصواء»، واسم بغلته «دُلدُل»، واسم حماره «يعفور»، واسم شاته التي يشرب لبنها «عينة». وكان له مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب منها، فيرسل الناس أولادهم الصغار فيدخلون عليه فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم وأجسادهم يبتغون بذلك البركة.[ وقد احتفظ المسلمون ببعض هذه المقتنيات عبر التاريخ، فكانت في مصر في مسجد أثر النبي في جنوب القاهرة. وقد ظلّت هناك حتى وقعت الفتح العثماني عام 1517م حين دخل القاهرة السلطان العثماني سليم الأول فأخذ معه كل أثر النبي إلى إسطنبول، وبقيت هناك محفوظة إلى الآن في متحف الباب العالي.
أما ما يتعلق بالمشاهد والآثار في المدينة المنورة ومكة، فقد قام المسلمون بالحفاظ عليها إلى وقت ظهور الحركة الوهابية في نجد في عصر الخلافة العثمانية، إذ أقدمت الوهابية بعد سيطرتها على الحجاز على هدم معظم الآثار النبوية بدعوى خوف الشرك وسدا للذريعة، ما جعل كثير من علماء السنة والشيعة ينادون بضرورة المحافظة على ما تبقى منها وعدم السماح لهدمها. من هذه الآثار التي هُدمت: «مسجد بني قريظة»، الذي صلى فيه محمد أثناء حصار بني قريظة، و«مسجد أبي بكر الصديق»، الذي رابط عنده أبو بكر أثناء غزوة الخندق. ومكان ولادة النبي محمد، ومكان عيشه في مكة، وبستان الصحابي سلمان الفارسي حيث كانت هناك نخلة غرسها محمد، وبيت الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وبئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم)، وبئر حاء
.................................................................................................................................................................................
جانب من حياته
يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده دينار ولا درهم، وكان يخصف النعل ويرقع الثوب، وما عاب مضجعًا، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك من غير قهقهة. وكان لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها، ولا يأكل الصدقة، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره، وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه. وما شَتَم أحدًا من المؤمنين، وكان لا يصارح أحدًا بما يكرهه، وما ضرب شيءًا قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله، وما خُيّر بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.
وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم رضًا. وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة، وما رُؤي قطّ مادًا رجليه بين أصحابه إلا أن يكون المكان واسعاً لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، ولم تكن تُرفَع في مجلسه الأصوات، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال "لبيك"، ولا يُسأل شيءًا إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان أكثر الناس تبسمًا وضحكًا في وجوه أصحابه. وكان يأكل مما يليه ويأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة، وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب، وكان أكثر طعامه الماء والتمر، وكان أحب الطعام إليه اللحم، وكان يحب من الشاة الذراع، وكان لا يأكل الثوم ولا البصل، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه وكان يلعق أصابعه من الطعام حتى تحمرّ، وكان يشرب في ثلاث دفعات وله فيها ثلاث تسميات وفي أواخرها ثلاث تحميدات، وكان في بيته لا يسألهم طعامًا ولا يتشهاه عليهم إن أطعموه أكل وما أعطوه قبل وما سقوه شرب. وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع. كان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، وكان جهير الصوت، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر، ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق، ويكنّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره