مصر اسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ التوبة (51)
 
الرئيسيةمحرك بحثأحدث الصورالتسجيلدخول

مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ الرعد (35)

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِفَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران (103)

اختر لغة الموقع من هنا
أختر لغة المنتدى من هنا
ناشونال جرافيك
تفسير سورة الكافرون  Uoouuo10
الجزيرة - مباشر مصر
تفسير سورة الكافرون  _uoooo10
الجزيرة نت
تفسير سورة الكافرون  Ouoous17
الجزيرة america
تفسير سورة الكافرون  Ouoous18
الاخوان المسلمون
تفسير سورة الكافرون  Ouoouo14
cnn english
تفسير سورة الكافرون  Oouu_o11
جريدة الشعب
تفسير سورة الكافرون  Oousoo10
احرار 25
تفسير سورة الكافرون  Ooooo_11
شبكة رصد الاخبارية
تفسير سورة الكافرون  Oouo14
الجزيرة الوثائقية
تفسير سورة الكافرون  Ouoous19
CNN بالعربية
تفسير سورة الكافرون  Oouooo10
المواضيع الأخيرة
» خطبة عيد الفطر 2016(صلة الرحم ) للشيخ أسامة موسى عبدالله الأزهري برقم 1045
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 9:02 am من طرف mousa

» حدوتة مصرية وفقرة عن مناسك الحج وكيفية الاستعداد لها
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 9:01 am من طرف mousa

» خطبة الحقوق المتكافئة ويوم عرفه للشيخ أسامةموسى عبدالله الأزهري برقم
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:59 am من طرف mousa

» فضل الحج والعشر ويوم عرفة للشيخ أسامة موسى عبدالله الأزهري قناة النيل الثقافية
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:57 am من طرف mousa

» الأضحية ومايتعلق بها(للشيخ أسامة موسى عبدالله الأزهري برقم
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:55 am من طرف mousa

» الهجرة النبوية اسباب ودروس للشيخ اسامه موسي عبدالله الازهري بتاريخ 3 10 2016
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:53 am من طرف mousa

» خطبة العيد التضحية والاضحية 2016 للشيخ أسامة موسى عبدالله الأزهري
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:52 am من طرف mousa

» درس حق الزوجة للشيخ أسامة موسى عبدالله الأزهري
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:50 am من طرف mousa

» خطبة الخطبة الهجرة النبويةوالبناء والأخلاق للشيخ أسامة موسى عبدلله الأزهري 2016
تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالسبت يناير 28, 2017 8:48 am من طرف mousa

المهندس محمد موسى
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10
تفسير سورة الكافرون  Uo_ouu10

 

 تفسير سورة الكافرون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mousa
.
.
mousa


مصر
عدد المساهمات : 6914

تفسير سورة الكافرون  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الكافرون    تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 17, 2010 2:09 am

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما ، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه ، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .



أيها الإخوة المؤمنون ، سورة اليوم هي سورة الكافِرون ، وربنا سبحانه وتعالى يقول : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 1-6 ]


قد يتساءل بعضُ الناس عن سِرِّ هذا التَّكْرار ؟! وقد يبْدو لأوَّل وهْلَة أنَّهُ تَكْرار مع أنَّهُ ليس في كتاب الله سبحانه وتعالى تَكْرار ، فلِكُلِّ آيةٍ معْنى ، ولو دقَّقْنا في الفُروق الدقيقة بين هذه الآيات المُتماثِلَة في الظاهر ، لَوَجَدْنا هناك فُروقاً تقْتضي معانيَ مُتغايِرَة ، على كُلٍّ قبل الحديث عن التَّكْرار فلا بدَّ من تعْريف الكُفار قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)
[الكافرون : الآية 1 ]


أما كلمة قُل فماذا تعْني ؟ أحْياناً يُصْدِرُ مُديرُ مُؤَسَّسة قراراً فَيَكون في مُقَدّمة هذا القرار : إنَّ مدير مُؤَسَّسة كذا بِناءً على كذا وكذا يُقَرِّر ما يلي ؛ هذا القرار صادِر عن هذه المؤسَّسة ومُديرِها، أحْياناً يأتي قرار من رئيس الوُزراء ، مُدير هذه المؤسَّسة لا يقول ولا يفْعل شيئًا إلا أنّه يُحيل هذا القرار للتعْميم ، فهذا من مُسْتوى أعْلى ، فما سَيَقولُه النبي عليه الصلاة والسلام في شأن الكُفار ليس من عِنْده ؛ هذا مِن قِبَل الله وهو من أعلى مصْدر وهو الخالق ، فَكَلِمَة قُلْ في قوله تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)
[الكافرون : الآية 1 ]


وفي قوله تعالى :

[الإخلاص : الآية 1 ]


هذه السُّوَر الأخيرة التي تُفْتَتَحُ بِـ (قُل) أيْ هذه لَيْسَت من عِنْدك ، إنما هي من عندي ، فَشَتان بين أنْ يصدر قرارٌ من مدير المؤسَّسة ، وبين أنْ يأتي قرار من أعلى مصْدر في الدوْلة ، حينها ليس على المدير إلا أنْ يُعَمِّمَ هذا القرار ، ويُبَلِّغُه من يلْزَم ، لكن حينما نقول : نُحيلُ إليكم مَرْسوم رئيس الوُزراء ، أصبح هناك وضْعٌ ثانٍ أكبر مما يُتَوَهَّم طبْعاً هذه الأمْثِلَة للتَّوْضيح فهذا الذي سَيَأتي في هذه السورة ليْس من عند رسول الله ؛ إنَّهُ من عند الله سبحانه وتعالى ، وما مُهِمَّةُ النبي عليه الصلاة والسلام إلا التبْليغ ، قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)
[الكافرون : الآية 1 ]


ما معنى كلمة الكافر ؟ كلمةُ كَفَرَ ؛ مِن معانيها الكَفْرُ ، أيْ الغِطاء ، والكُفْر الإعْراض ، فالإنسان إذا كان في عمى عن حقيقة ما فهو كافِرٌ بها ، فإذا غفل الإنسان عن نِعَم الله فهو كافِرٌ بها ، وإذا أدْبر واسْتَكبر ، وإذا ولى ظَهْرَهُ للدنيا ، وأعْرض عن الله عز وجل فهو كافر ، هناك من يكْفر من الخلق بالله خالقاً ، وقليل ما هم ، وهناك من يكْفر بِرَبِّ العالمين ؛ يكْفُر بِتَرْبِيَتِه ، لا يرى أنَّ الله سبحانه وتعالى يُمِدُّ كُلَّ مخْلوقٍ بِما يحْتاج إليه ؛ من طعامٍ وشرابٍ وهواءٍ ، وتوفير الحرارة والرطوبة وأنواع المعادن وأشْباهها ، وأنواع الفيتامينات ، والكائِنات الحَيَّة ، والأمْطار والسَّحاب ؛ هذا كُلُّهُ تَرْبِيَة الله سبحانه وتعالى ، خَلَقَنا وخلَق هذا الجَوَّ المُناسب ، وخلق الحرارة المُناسِبَة ، وخلق الهواء والماء ؛ كُلُّ هذا من باب التَّرْبِيَة ، لذلك هناك من يكْفر بالله مُرَبِّياً يرى أنَّ الحياة تجْري هكذا وحْدها ، وأنَّ الإنسان يعْمل ويكْسب الطعام ويأكل ، وحينما يغْفل الإنسان عن ترْبِيَة الله عزوجل فَهُوَ كافِرٌ بِها .

وهناك من يكْفر بالله مُسَيِّراً وإلهاً ، فلا يرى أنَّ الأمور بِيَدِه ، وأنَّهُ لا حركة ولا سَكَنَة ، ولا عطاء ولا منْع ، ولا رِفْعَة ولا خفْض ولا رزْقَ إلا بِيَد الله سبحانه وتعالى ، لا يرى ذلك ! إذاً هناك كفْرٌ بالألوهِيَّة ، وهناك كُفْر بأسْماء الله الحُسْنى ، فقد يُعايَن بعض الأخْبار السَيِّئة ؛ كوارِث وفيضانات ومجاعات في العالم ؛ تراهُ يشْمَئِزُّ قائِلاً : إنَّ الحياة كُلُّها قَسْوة وشقاء ، والأغْنِياءُ وَحْدَهُم السُّعداء ، والفقراء مسْحوقون ؛ فهذا كُفْرٌ بِأسْماء الله الحُسْنى ، وكُفْر بِحِكْمَتِهِ ورَحْمَتِه وعدالتِهِ ، فالكُفْر أنْ تكون في عَمًى عن حقيقةٍ ما ، فإذا كان شيء أمامي فإما أنْ أضَعَ بيني وبينه سِتاراً فأنا لا أراه وإما أنْ أنْصَرِفَ عنه فأنا لا أراه ، فإما أنْ تكون الغشاوةُ سَبَب الكُفْر ، وإما أن يكون التَوَلي سبب الكُفْر ، وعلى كُلٍّ يُخْطِئ من يظُنّ أنَّ الكافر هو الذي يُنكِرُ وُجود الله سبحانه وتعالى ! ذلك هو المُلْحِد ، فالإلْحادُ إنْكارُ وُجود الله ، فهناك إلْحادٌ بِوُجود الله ، وهناك إلْحادٌ في أسْمائه ، وهناك إلْحادٌ بِتَصَرُّفاته ، فهناك مَن يقول : الإنسان خالق أفْعاله ، كالمُعْتزلة الذين يقولون : الإنسان خالق أفْعاله ، هذا إلْحادٌ في تَصَرُّفاته ، فلْنَدَع الإلْحاد جانِباً ، فالكُفْرُ إعْراض ، لِنَضْرب مَثَلاً ، قد يكون الطالبُ في الصَفّ ، وأمامه مُدَرِّس ملء السَّمْع والبصر ، إنْ تلَهى عن دَرْسِه ، وشُغَل عن شَرْحه ، والْتَفَتَ إلى أشْياء سخيفة ، مُعْرِضاً عن عِلْمِهِ، فهذا كافرٌ بِمُدَرِّسِه ، مع أنَّهُ يملأُ سمْعَهُ وبصرهُ ، فالكُفْر هو الإعْراض ، قال تعالى:

[التوبة : الآية 54 ]


يُنْفِقون أموالهم ، وهم يُصَلُّون ، وقد كفروا بالله ورسوله ، فالكُفْر تضيقُ معانيه حتى يُظَنَّ أنَّ الكافر هو المُلْحِد ، وتَتَّسِعُ مَدْلولاته حتى يشْمل كُلَّ منافق قال تعالى :

[التوبة : الآية 67]


المنافقُ يُصَلي ويصوم ويَحُجّ ويُزَكي ، لأنَّهُ أعرض عن الله عز وجل واشْترى بآياته ثَمَناً قليلاً ، وأدار ظَهْرهُ للدِّين ، والْتَفَتَ للدنيا فجعلها أكبر هَمِّهِ ، ومَبْلَغَ عِلْمِه ، فمن أصْبح وأكبر هَمِّهِ الدنيا ، جَعَلَ الله الفقْر بين عَيْنَيْه ، وشَتَّتَ عليه شَمْلَهُ ، ولم يُؤْتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّر له ، ومن أصْبح وأكبر هَمِّه الآخرة جعل الله غِناهُ في قلبِهِ ، وجمع عليه شَمْلَهُ وأتَتْهُ الدنيا وهي راغِمَة ، نعوذ بالله من الكفر وأسبابه ، فالكُفْر البُعْدُ عن الله عز وجل ، والإعْراضُ عنه تعالى ، والكُفْر الالْتفاتُ إلى الدنيا ، وأنْ تكون الدنيا مالِئَةً قلبك ، وشاغِلَةً بالك ، هذا كُلُّهُ من معاني الكُفْر، فالكافرون لا يلْتَقون مع المؤمنين والحلُّ الوَسَط مُنعدم ! لا وجود لأنْصاف الحُلول في الإسلام ، والسَّيْر إلى نِصْف الطريق بِهَذه الكلمات الحديثة ، هذا لا مكان له في الإسلام ، فالكُفْرُ هو الكُفْر والإيمان هو الإيمان وهو لا يلْتَقي مع الإيمان ، فلا ترْقيع ولا تطْعيم ولا تداخل ولا حلَّ وسَط ولا لِقاءات ولا تعاوُن ، لأنَّ الكافر له طريقتُهُ وتفْكيرهُ وقِيَمُه المُنْحَطَّة ، وله شَهْوانِيَّتَهُ ومُيوله الدنيئة ، وله مصالِحُه وأنانيَّتَهُ ، مُتَعَلِّقٌ بالدنيا ولا يرى سِواها ، ولا يعْرف الأخلاق ولا القِيَم ولا المَعاد ، الدنيا عنده هي كُلُّ شيء ! فَكَيف يلْتقي هذا الإنسان بِإنْسان آخر يرى الآخرة هي كُلُّ شيء ، والدنيا كُلُّها لا تعْدِلُ عند الله جناح بعوضَة ، ويرى العَمَل الصالح هو الغِنى الحقيقي ، ويرى أنَّ مَحَبَّةَ الله هي كُلُّ شيء ، وأنَّ طاعَتَهُ هي الفَوْز العظيم يرى أنَّ الحياة مُوَقَّتة ، وأنَّهُ في الدنيا كَعَابرِ سبيل أو مُسافر ، ويرى أنَّهُ غريب فيها ، فهذا الإنسان كيف يلْتقي مع ذاك ؟ كيف يلْتقي الصحيح مع المريض ؟ لا بد أن يمْرض هذا الصحيح ! إذا كان هذا المريضُ مُصابًا بِمَرَض سارٍ ، فلا بدّ أن يُعْدِيَهُ ، فالله عز وجل جعل الحسْم والمفاضلة ، فهذه السورة هي سورة حَسْمٍ ، فيا أيها الكفار لا نلْتقي معكم ، لا من قريبٍ، ولا من بعيد ، لا في أشْياء صغيرة ، ولا في أشْياء كبيرة ، لا يُمْكن أنْ نتعاون ، لأنَّ تفاوُتاً كبيراً ومُفارقة حادَّة بين مُنطَلَقاتِنا ومُنطلقاتِهِم ، وبين أهدافِنا وأهْدافهم ، وبين وسائِلِنا ووسائِلِهم ، وبين قِيَمِنا وقِيَمِهم ، وبين طُموحاتِنا وطُموحاتهم، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 1-2 ]


عدل سابقا من قبل mousa في الخميس مارس 10, 2011 11:06 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moosam66.yoo7.com
mousa
.
.
mousa


مصر
عدد المساهمات : 6914

تفسير سورة الكافرون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الكافرون    تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 17, 2010 2:09 am

[ الكافرون : الآية 1-2 ]


أما العبادة ، فقال تعالى :

[ الذاريات : الآية 56 ]


فهِيَ عِلَّةُ خلْق الله تعالى للبشر ، خلقنا لِنَعْبُدَهُ ولا نعْبده إلا إذا عرفْناه ، وإذا عرفناه عبدْناه وإذا عبدناه سَعِدْنا بِقُرْبه ، خلقنا لِيُسْعِدنا ، فالعبادة شيء ثمين جداً حتى قال بعضهم : إنَّ أعلى مقامٍ يبْلُغُه الإنسان في الأرض أنْ يكون عَبْداً لله ؛ أشْهد أنْ لا إله إلا الله وأشْهد أنَّ محمَّداً عبْده ورسوله ، فالعُبودِيَّة لله هي قِمَّةُ الكمال البشري ، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 1-2 ]


ما معنى هذه الآية ؟ يبْدو أنَّ هذا من باب المعاني المُطْلقة، لكِنَّنا إذا أردْنا أن نُقَيِّد هذه السورة بِأسْباب نُزولها ، فقد ورد في بعض التفاسير أنَّ المُشْركين جاءوا للنبي عليه الصلاة والسلام وقالوا له : يا محمَّد ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُد ما تعبد ، وتَعْبُد ما نعْبُد ! مُشاركة وأنصاف حُلول ونَشْتَرك نحن وأنت في أمْرنا كُلِّه ، فإنْ كان الذي جِئْتَ به خيراً مما في أيْدينا شارَكْناك فيه ، وأخَذْنا بِحَظِّنا منه ، وإنْ كان الذي بِأَيْدينا خيراً مما بِيَدِك كنت قد شَرِكْتنا في أمْرنا ، وأخَذْتَ بِحَظِّكَ منه، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[ الكافرون : الآية 1-6 ]



إذا أردنا توْجيهَ هذه الآيات بِحَسَبِ نُزولِها ، فَهُناك لِقاءٌ تمَّ بين كبار المُشْركين وبين النبي عليه الصلاة والسلام على أن تكون بينهما هُدْنَة وتَعايُشٌ سِلْمي - كما يقولون - نَعْبُد ما تعْبد وتعبدُ ما نعبد !

تَوْجيهٌ آخر مما توحي به هذه السورة ، أنَّهُ لا يسْتطيعُ الواحدُ منا أنْ يصِلَ إلى الإيمان الحق إلا إذا تَمَيَّزَ عن الكُفار ، فما دام يعيشُ معهم ، ويحْضُر نَدَواتِهم ، ويذْهَبُ معهم إلى مُتَنَزَّهاتِهم ، ويُعامِلُهم ويُحِبُّهم ويُحِبُّونه ، ويأخُذ منهم ويُعْطونه ، ويُشارِكُهم بأمواله ، ويُزَوِّجُهم ويتَزَوَّجُ منهم، عندئِذٍ لن يكون مؤمناً ، فلا بدَّ من التمايُز ، ولا بد للمؤمن أن يكون في حيِّزٍ مُسْتَقِلّ ، لأنَّ له عاداتُه وقِيَمُهُ وورَعُهُ وطُموحُهُ ، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 1-2 ]



فإذا أردْنا أن نأخذ هذه السورة كَتَوْجيهٍ إليْنا نحن فلا بُدَّ من التمايُز ، قال تعالى : لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 6 ]



قد يذهب إنْسانٌ وزَوْجَتُهُ لِيَجْلسَان في مَقْهى ، حيثُ الغناء والاخْتِلاط ، ويُقَدَّمُ المَشْروب ، وزَوْجَتُه مُحَجَّبَة حِجاباً شَرْعِياً ! هذا المكان ليس لكما ، أنت لك مكانٌ آخر ، قال تعالى : لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 6 ]


أنت لا يُمْكِنُكَ أنْ تسْتسيغَ هذه الجَلْسَة ؛ في السَّهرات والندوات واللِّقاءات والولائِم ، دُعِيَ أُناسٌ إلى فُندق كبير مُخْتلط ، وكلَّفهم هذا مليونين ، ورواية أخرى نصف مليون ، المُهِمّ أنّ بعض الأُسَرٌ ذَهَبَتْ إلى الحفل ، فإذا لم تتَمَيَّز عن الكُفار في كُلِّ نمطِ حياتك فأنت منهم ؛ بيْتٌ مَكْشوف يُطِلُّ على الجيران ؟! أنت مُسْلم فلا بدّ أنْ تضع حِجاباً ساتِراً ، وبَيْتُ المُسلم يبْدو واضِحاً ومُسَتَّراً ومتميِّزًا ، وهذا في عروس مع زوْجَتِه أمام خمسين امرأة ، يقول : أحْرَجوني ، وخِفْتُ أنْ يظُنوا بيَّ الظنون ! وأنَّ فيَّ عَيْباً ، أنا لا أجلسُ على هذا الكُرْسي ، وهذه الجِلْسَة حرام ، هل هذا الذي يفعله الناس دينٌ أم شَرْعٌ مُنَزَّل ؟ تقاليد وعادات ما أنزل الله بها من سُلْطان ، لا يبْلغ الإنسان درجة الإيمان حتى يضَع تحت قَدَمِه كُلَّ التقاليد والعادات التي تُخالِفُ الشَّرْع ، ضرَبْتُ هذه الأمثلة لأنَّ بعضُهم يظنُّ أنَّ هذه السورة رَدٌّ من الله تعالى على المُشْركين في مكة فحسب ، ولكِنَّها قُرْآن ، وتُتْلى إلى آخر الزمان ، معنى ذلك فيها تَوْجيهٌ حَيٌّ يَنْبُض بالحياة ، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)[ الكافرون : الآية 1-2 ]


بعد قليل سوف آتي على التفْصيلات ، أما الآن أريد أنْ أصِل إلى أنَّ مِحْور هذه السورة أنَّ الكُفار شيء والمؤمنين شيء آخر ، هؤلاء لهم عالم ، وهؤلاء لهم عالم آخر ، وهؤلاء في وادٍ ، وأولئك في وادٍ آخر ، لا يلْتَقِيان ؛ فلا تعاوُن ولا تقْريب وِجْهات نَظَر ، هذه أنْصاف حُلول ، وتَرْقيعٌ ، وهذا كُلُّهُ مُسْتحيل ، إنْ صاحَبْتَهُ خالطَكَ مع زَوْجَتِك على أساس أنَّها مثل أُخْتِه ، وهذا زور وبهتان ! وإنْ ذهَبْتَ معه إلى النُّزْهة حَدَّثُكَ عن الأغاني وعن الناس ، وإنْ كَلَّمْتَهُ عن الربا قال لك : معْقول مبْلَغُ كهذا لا أضَعُهُ في البنْك ! أين تفْكيرُك ؟ صَعْبٌ أنْ تُشارك الكافر وأنْ تُزَوِّجَهُ ابْنَتَك ، قال تعالى :

[التوبة : الآية 54 ]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moosam66.yoo7.com
mousa
.
.
mousa


مصر
عدد المساهمات : 6914

تفسير سورة الكافرون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الكافرون    تفسير سورة الكافرون  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 17, 2010 2:10 am

[التوبة : الآية 54 ]


لذلك ما على الإنسان المؤمن إلا الاتصال بِأَهْل الإيمان ، ولْيُعامِلْهُم وحْدَهُم ، قال تعالى :

[ص : الآية 24 ]


قولـه تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)[الكافرون : الآية 1-5 ]


المعنى الأوَّل : لا أعبُدُ ما تعْبدون ، فلا أعبُد أصْنامكم ، فهذا هو المعنى الذي كان قائِماً عند نُزول هذه السورة ، وإذا وَسَّعْنا هذا المعنى فَكُلُّ ما يعْبُدُهُ الناس من دون الله في العُصور اللاحِقَة يدْخُل في هذه الآية فقد يعْبدون الدِّرْهَم والدينار ، قال عليه الصلاة والسلام : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ * [ رواه البخاري ]


من أجْل ألاّ تنكمش ثِيابَهُ لا يًصَلي حتى يعود مساء إلى البيت ! تَعِسَ عَبْدُ الفَرْج ، وتعِسَ عبدُ البَطْن ، سَواءٌ أكان المعنى الأوَّل ، وهو أَنَّ هذه الأصْنام ؛ اللات والعُزى ، ويغوث ، ويعوق، ونسْرًا التي كانت تُعْبَدُ من دون الله في الجاهِلِيَّة قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 1-2 ]


وكذلك في الجاهِلِيَّة الثانِيَة أنْ يُعْبَد الدِّرْهم والدينار من دون الله ، وأن تُعْبد المرأة من دون الله ، الشَّهَوانِيُّون يعْبُدونها أيْ يخْضَعون لها فيما تأمر ، قال عليه الصلاة والسلام : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا *
[ رواه الترمذي ]


إنّ الدِّرْهم والدِّينار يُعْبدان من دون الله ، والمرأة في عُصور الشَّهْوة والفِتَن تُعْبد من دون الله، وقد يعْبُدُ بعضُنا بعْضاً ، وقد يتَّخِذُ بعضُنا أرْباباً من دون الله ، ويَكْفي أنْ ترى أنَّ فُلانًا الفُلاني بِيَدِهِ أمْرُك ورِزْقُك وتحْطيمُكَ ، فأنت بهذا قد عَبَدْتَهُ وأنت لا تدْري ، لذلك قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 1-2 ]


لا من الأصْنام القديمة ، ولا من الشَّهَوات الحديثة .

(ما) هنا على قول بعضِ المُفَسِّرين اسم موصول ، أيْ لا أعْبُد الذي تعْبدون ، ، وكذا قوله تعالى : وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)
[الكافرون : الآية 5 ]


لا يُعْقَلُ أنْ تعْبدوا ما أعبُدهُ ، إذْ لو أنَّكم عَبَدْتُموهُ لَكَفَّكم عن شَهَواتكم ولسْتُم بِتاركيها ! أحْياناً يتَكَلَّفُ الإنسان أنْ يُناقِش إنسانًا شَهَوانيًا ، أنا أقول له : لا تُناقِشْهُ ، إلههُ شَهْوَتُه ، فلن يَدَعَها من أجلك ، بمعنى ذلك أنَّهُ لا يكفُّ عن شَهَواتِهِ كُلِّها ، وبالتالي لا ينْضَبِط ، إذاً : وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)
[الكافرون : الآية 5 ]


فلا يتَحَمَّل هذا المُشْرك أن ينقطع عن بعض شَهَواتِهِ ، هذا المعنى الأوَّل .

المعنى الثاني : قوله تعالى : وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)
[الكافرون : الآية 4 ]


فما الفرق بينهمـا ؟ لا فرق ! قال بعض المُفَسِرين : هو التَّكْرار ، وهو تَكْرار التَّهْويل والتعظيم ، وقال بعضُهم الآخر : (لا أعبُدُ) هذا فِعْلٌ مُضارع ، ولا أنا عابِدٌ هذه اسمُ فاعل ، وشَتانَ بين الكلمتين ، فإذا قلتَ : لا أعبد ، فأنا أنْفي عن نفْسي فِعْل العِبادة ، ولكن إذا قلت : ولا (أنا عابد) ، فأنا أنْفي عن نفْسي إمْكانِيَّة العِبادة ، كأن تقول : فُلانٌ لم يسْرِق ، فأنت هنا نَفَيْتَ عنه فِعْلَ السرقة ، أما إذا قلتَ : ما هو بِسارِق فقد نَفَيْتَ عنهُ إمْكانِيَّة السَّرِقة ، فلا يُعْقَلُ أنْ يسرِق ، فاسمُ الفاعل أشَدُّ في النَّفْي من الفِعْل المُضارع ، فله معنى الاسْتِمْرار ، مثلاً أنا أكتب ، يُمْكن أنْ أكْتُبَ مَرَّةً في ِحِياتي ، فَيُقال: أنا أكتُب ، فعل مُضارع ، أما أنا كاتب ، فَهِيَ تعْني أنَّ مِهْنتي الكِتابة ، فربنا عز وجل قال : لا أعبد ما تعْبدون ، وفي الثانِيَة : ولا أنا عابِدٌ ما عَبَدْتُم ، فلا أعبد آلِهَتَكم ، وليس عندي إمْكانٌ إطْلاقاً أنْ أعْبُدها ، لا أعبُدها ولن أعْبُدها ! فالإمْكانِيَّة مُنْعَدِمة ، فالأوَّل نَفَيْنا به الفِعْل ، وفي الثاني نَفَيْنا الإمْكانِيَّة ؛ هذا معْنى آخر من معاني التَّكْرار .

المعْنى الثالث : قوله تعالى : لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 2]


وقوله : وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)
[الكافرون : الآية 4 ]


(ما) الأولى اسم موصول ، أيْ لا أعبدُ الذي تعْبدون ، و(ما) الثانِيَة مَصْدَرِيَّة ، أيْ ولا أنا عابدٌ عبادَتَكم ، فكيف أصبح المعنى ؟ أيْ : أنا لا أعبد الذي تعْبدونه ، وليْسَتْ عبادَتي كَعِبادَتِكم؛ فلماذا وكيف ؟! عبادتي فيها صِدْقٌ وإخْلاص ، أما عِبادتكم ففيها الشِّرْك والنِّفاق ، نَفَيْنا أنْ نعبدَ ما يعْبدون ، ونَفَيْنا أنْ نعبد آلِهَتَهم كَعِبادَتِهم بِإشْراكٍ ونِفاقٍ ودَجَلٍ ، وما سِوى ذلك .

وهناك معنى رابع : وهو قوله تعالى : لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 2]


إنّ أكثر الناس إذا نظروا إلى شَخْصٍ تَدَيَّن يقولون : دَعْهُ بعد سَنَتَيْن يعود إلى ما كان عليه! لا يعرفون أنَّهُ سَيَزْداد تَدَيّنًا ، وأكثر الناس إذا وَجَدوا شَخْصاً تَدَيَّن وحَرَّرَ دَخْلَهُ ، وحضر مجالس العِلم ، والْتَزَم بالشَّرْع يقولون لك : هذا ثَوَران عاطفي ، وسَيَعود إلى ما كان عليه ! والحياة سَتَجُرُّهُ إلى المتاعب ، فهذا هو المعنى الرابع .

الآن : لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 2]


وإن كنتم تطْمَعون أنْ أعبُدَ آلِهَتَكم في المُسْتَقْبل فاطْمَئِنوا من الآن فلن أعْبُدَها ، أصْبَحَ لدينا أربعة معانٍ من هذا التَّكْرار ؛ الأوَّل تَكْرار التَّعْظيم والتَّهْويل ، والمعْنى الثاني : أنَّ نَفْيَ الإمْكانِيَّة أبْلَغُ من نَفْيِ الحَدَث ؛ إنْ قلتَ : فلان لم يسْرق ، وفلان ليس بِسَارِق ، والمعنى الثالث: لا أعبدُ أصْنامكم ، ولا أتعبّد بِطَريقَتِكم ، فَطَريقَتي فيها إخْلاص ، وطريقتِكم فيها نِفاق ، والمعنى الرابع : لا أعبُدها الآن ، ولن أعْبُدها في المُسْتَقْبل ، فأين هو التَّكْرار ؟! (ما) تَخْتَلِفُ ؛ ففي الأولى مَوْصولة بِمَعْنى الذي ، والثانِيَة مَصْدَرِيَّة ؛ ولا أنا عابِدٌ عِبادتكم ، أيْ طريقَتَكم في العِبادة، فثمّة فرقٌ بين أن تكون (ما) اسم موصول ، وبين أنْ تكون مَصْدَرِيَّة ، وثمة فَرْقٌ بين الفعل المضارع (أعْبُد) وبين اسم الفاعل (عابِد) ، والنَّفْيُ بالاسم أبْلغ من النَّفْي بالفِعْل ، وفَرْقٌ بين الحال والاسْتِقْبال ، وتَكْرار تعْظيم ، وهذا هو وَجْهُ تَكْرار هذه الآية مَرَّتَيْن ، قال تعالى : لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)
[ الكافرون : الآية 2]


وقوله تعالى : وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)
[الكافرون : الآية 4 ]


ثمَّ قال تعالى : وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)
[الكافرون : الآية 5 ]


ما دام الكافر قد خَطَّ طريقه نحو الشَّهوات ، وانْغَمَس فيها إلى قِمَّة رأسِهِ ، وأصَرَّ عليها ، وجعلها أكبر هَمِّه ومَبْلَغَ علمه ، وقاتل من أجْلِها ، وقد يُقْتَلُ المرء في سبيل شَهْوَتِه ، فما دام كذلك فهذا لن يعْبُد الله عز وجل ، ولن يأتمِرَ بِأَمْرِه ، ولن ينْتَهِيَ بِنَهْيِه ، ولن يسْتقيم على أمره ، ولن يُخْلِصَ له .

ثمَّ قال تعالى : لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 6 ]


فلا بدَّ من التمايز ، قال تعالى :



[التوبة : الآية 24 ]


وقال تعالى :

[المائدة : الآية 57 ]


فالحَلُّ الوَسَط لا وجود ، فلا بدَّ لك أنْ تتَمَيَّز ، فإذا كان للمرْء أصْحاب من أصْحاب الجاهِلِيَّة فَعَلَيْه أنْ يقْطعهم واحداً واحداً ، فإذا بقِيَ على مَوَدَّتِهم فأغْلب الظنّ أنهم سيسْحبونه إلى طَرَفِهم ، ولا بدَّ أن يسْحبوه ، يقولون لك : لا زِلْتَ صغيراً ، لما تكْبر اِلْتَزِم ، ولم يعلمون أنه مَن بلغ الأربعين ولم يغلب خيْرهُ شَرَّهُ فلْيَتَجَهَّز إلى النار ، ومن شَبَّ على شيء شاب عليه ، ومن شاب على شيء مات عليه ، ومن مات على شيءٍ حُشِرَ عليه ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوْ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ *
(رواه الترمذي)


لذلك من كان صادِقاً في طَلَب الحقّ ، أنتم تستَمِعون إلى الحقّ ، فالاسْتِماعُ شيء ، والتَّطْبيق له شيءٌ آخر ، الاسْتِماعُ شيء ، وأن تكون مؤمناً حقاً شيءٌ آخر ، العُمْرُ ثمين ، هذا الذي يسْتمعُ إلى الحقّ له حِسابٌ خاص ، فإذا تَعَلَّمَ عِلْماً فهُوَ حُجَّةٌ عليه وليس له ، الذي أُلاحظه أنَّ الله عز وجل يُعامل هؤلاء الذين يسْتمعون إلى العِلْم ، ويتَعَلَّمون الحقائق ، يُعامِلُهم معامَلَةً خاصَّة ، ويُعاقِبُهُم عِقاباً أليماً ؛ لماذا ؟ أنتم تعرفون فَكَيْفَ تنْحرفون ؟! فهذا الذي يفعل السوء بِجَهالة تَوْبَتُهُ سَهْلة ، أما هذا الذي يفْعَلُ المعاصي ، ويُقَصِّر، ولا يُطيع الله تعالى ؛ وهو يعْرف فهذا عِقابُه عند الله كبير ، لذلك : "لكم دينكم ولِيَ دين" ، فلا بدّ أن تتَمَيَّز ! ولا تَقُل : هذه نُزْهَةٌ مُغْرِيَة لن تفوتني! وفيها اخْتِلاط ، أنت بِهذا أذْهَبْتَ دينك ، ومن علامات قِيام الساعة أنَّ الإنسان يُمْسي مؤمنا ويصبح كافرا ، لِسَبَبٍ تافِهٍ تجِدُهُ ترك الدِّين ، فحبّذا لو قرأ هذه السورة : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 1-6 ]


حَدَّثني أحدهم أنَّهُ دُعِيَ لِطَعامٍ نفيسٍ ، حَفْلَة كبيرة ، وكان فيها مَشْروب، فقال : إنِّي أخاف الله ربَّ العالمين ، وما وَجَد أَكْلا يأكُلُه إلا القليل ؛ فهذا وِسامُ شَرَف ، وهذا هو المؤمن لا يخْتَلِطُ مع المُشْركين ، لا في احْتِفالاتِهِم ، ولا في مُتَنَزَّهاتِهم ، ولا في جَلْساتِهِم ، ولا في مُزاحِهِم ، ولا في عاداتِهم ، ولا في تقاليدِهم ، لقد أصبح المسلمون وللأسَف أشَدَّ تَعَلُّقاً بالأعْياد الأجْنَبِيَّة كَعِيد الميلاد ، وبالتقاليد الأجْنَبِيَّة ، وبِأَنْماط الطعام والشراب ، فهذه الأصول المُتَّبَعة في كُلِّ المُناسبات أكثر اِلْتِصاقاً بالأجانب منهم بِدينهم الحنيف ، مع أنَّ كُلَّ هذا حرام ! وهناك أمرٌ خطيرٌ جداً : من هَوِيَ الكَفَرَة حُشِرَ معهم ، ولا ينْفَعُهُ عَمَلُه شيئاً ، ولو كان يُصَلي ، لقد أصْبَحَ الناس ينسِبون لأنفسِهم سوء الفَهْم ، ويُزَكون الأجانب ، قائِلين : هؤلاء يفْهمون ، وليسوا كَحالِنا ، وانظُر إلى الأبْنِيَة والحدائِق والمِترو ، لا بدّ لنا من خمْسين سنة حتى نُصْبِح مِثْلَهم ، فهذا التعْظيم الكبير للكَفَرة يجْعَلُهُ يُحْشَر معهم ، أحْياناً يأتي منْدوب شَرِكَة فَيَطْلُبُ الخَمْر فَيُقَدَّم له حُجّة : إنَّ مصالِحي مرْبوطَةٌ معه ، أين الدِّين ؟! قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1)لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3)وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ(4)وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5)لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)
[الكافرون : الآية 1-6 ]


إنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان قبل أنْ ينام يقرأ هذه السورة ، ويَخْتُمُ نهارَهُ بِهذا المَوْقِف، والتَّنَزُّه منهم ، ومن عاداتِهم الذميمة ، وهناك أشْخاصٌ مُعْجبون بالنوادي والصالات الفُلانِيَّة ، فَهُناك أماكن فيها أُبَّهة - كما يقولون - ورفاهَة ، فهذا ليس لك ، الفُنْدق الفُلاني يقدّم لك ثمانين صَحْناً بِثمانين ليرة فحسب ! لكن هناك نِساء كاسِيات وعارِيات ، فهذه السورة من أجل كُلِّ زمان ومكان فهي تَحضُّ على التمايُز ، فأنت لك مكانك المُناسب من مُتَنَزَّهات وسَهَراتِك البريئة ، ولك حديثك الدّيني ، لكَ تَرْتيبات خاصَّة فإياك أنْ تخْلِط هذا بِهذا

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moosam66.yoo7.com
 
تفسير سورة الكافرون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة نوح
»  تفسير سورة طه
» تفسير سورة عبس
»  تفسير سورة ق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصر اسلامية  :: الشيخ اسامة موسى عبدالله الازهري :: تفسير القران الكريم-
انتقل الى: